الأحد، 27 ديسمبر 2009

سفينة الارواح





مساء مهيب تألق به قرص القمر الابيض في السماء
في محاولات يائسة لاضاءة ذلك المحيط المظلم في المساء
ولكن النتائج جائت عابثة امام سطوة مخيفه في تموجات الليل مع المياة الداكنه
حتى انهارت محاولات القمر امام تلك الغيمة الهائلة التى حجزت ضوئها في سخرية على المحيط
وتضرب بجناحيها على تلك البقعة ، حتى ان تنتبه الى تلك النقطة الضئيلة داخل المحيط
الى ذلك المركب الخشبي المتهالك تحديدا
الذى ارتسمت عليه ملامح الوحدة والهوان وهو مسلوب الارادة امام الامواج وهي تضرب بسوطها لتطيح بيه يمينا ويسارا كالكرة
رسمت الطبيعة صورتها في قسوتها وعنفوانها على المكان بأكلمه
حتى الرياح حملت رائحة خاصة لا تتكرر لتهب على سطح السفينة
لترتطم في ذلك الجسد في انزعاج
جسد رجل يجلس القرفصاء ، دافنا وجهه بين يديه بقميص وردي بالي
وبنطال تقطعت اطرافه وكأنها قد خرجت للتو من فك تمساح مفترس ..
كانت الصورة متجمدة تماما ، لا يتغير بها سوى تأرجح السفينة بين موجات البحر
حتى دوى هزيم الرعد من الغيمة ، حينها فقط رفع ذلك الجسد رأسه الى السماء لتظهر عينيه التى شارفت ان تتحول الى لون الدماء
واخذ يحدق في الغيوم في جمود لا معنى له حتى استل خنجر صغيرا من جيبه واخذ يرسم خطا جديدا على سطح السفينة
دون ان يبالى بقطرات الماء التى اخذت تداعب رأسه وسطح السفينة من قطرات متوترة تسقط من الغيمة
حتى انتهى واخذ يحصي بعينيه الداميتين ما صنعه حتى اكتمل بذلك ثلاثمائة خطا في تناسق على خشب السفينة ودون ان فرت تلك الدمعة الحمراء من عينة لتسقط على اخر خط حفره في خشب السفينة ليذوب وسط قطرات الغيمة ، وبدأت علامات الالم تدب في قسمات وجهة وجسده
وهو يضع يده على قلبه رافعا رأسه الى السماء مطلقة صرخة جعلت السماء تتوقف البكاء من هولها
فقد كان الطريق طويلا ومريرا
والايام دون معنى وهو ينتظر الميناء ان يظهر له في الافق دون جدوى
ابتدء العمر في هروبه ، وانتهى به قاذفا به في بحور الشك
حتى نسي انسانيته ، وروحه
لم يعد يتذكر صوته وانفاسه
حتى قلبه بدأ يستجمع ذكريات محبوبته في صعوبة ، ضاربا بسياطه في جسده بين الحين والآخر
بنار تجتاح كيانه ، داخل جسده ضاربا مثل البركان
ولم يعد هناك ما يقتات به
حتى انه قد ذبح حصانه ليقتات به
وهذا هو اليوم السادس وبدأ الهذيان يقبض بيد بارده على خلايا عقله
لكنه كان محاربا شرسا ، وفارسا لا يقبل الاستسلام
وبدأ الغيوم تنقشع شيئا فشيئا ليتسرب ضوء القمر في حياء متجدد
فاستنفر الجسد اعلى طاقته للنهوض ليسير حافي القدمين تجاه مقدمة السفينة
وتعلق بصره بالافق ، غير مباليا بالدماء التى ترتسم خلف قدمه من جرح غائر لا يندمل
واستند بكلتا يديه على السور وهو يحدق طويلا في مشهد السفينه وهي تشق المياه
وشعر بان الامواج تناديه وكان جنية المحيط تغرب به وطامعة في لحمه الطازج
ولكنها تسبح صامته اسفل صفحة المياه تقتله في صبر وتؤده
حتى بدأ يتمتم بتعويذة قديمة ، لقنتها اياه جدته
وهو يعرف خطورتها ، لكنه لم يكن لديه مفر
ولم يعد يطيق الانتظار حبيسا في جسد ضعيف ، حتى بدأ المحيط في الارتجاف
حتى كاد ان يقسم انه سمع تلك الصرخة المرافقة لذلك الارتعاش التى تناهت الى مسامعه من اسفل البحر
وفي كبرياء ، اجبر جسده على الجلوس في ذلك المقعد بجوار المقدمة
وعادت السماء لتتلبد في شكل مضطرب وكثيف في مشهد مهيب وعلى النقيض
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتى الفارس مغمضا عينيه وبدأ جسده ينير في بطء تدريجي واخذت الامواج تضرب جسد السفينة في جنون مطبق
حتى انشق ضوء البرق مخترقا الغيوم تجاه السفينة لتقسمها من منتصفها في تزامن غير طبيعي مع البحر الذى بدأ في صنع دوامة في منتصف السفينة
لتبتلعها في قسوة
مخلفة ورائها اسطورة تتردد عبر الاجيال
عن سفينة وربانها الفارس
حامي الارواح ، وآخر العاشقين

الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

عطر العاشقين



عطر خفيف
يثير الرعشة في الجسد بدون تحكم
يترك طابع حالم بين الشوق والحزن
اضعه في المساء قبل ان اخلد الى فراشي وحيدا
يثير ذاكرتى دون وعي
اتذكر كل فتاة قبلتها ولمست ثغرها
اتذكر لحظات لقاء ووداع وفرحه واغتصاب
حياة زاخرة بالتجارب
تجلبها لي نسمات العطر
تحت شعاع حجرة خافت يغتصب ضوء القمر عن المرور الي
لحظات قليلة من احسست بها في التهديد تحت ذلك العطر
بالخطر والخوف واعلان نهايتى الوشيكة بالرغم من عمرى الصغير
خيط ضعيف اتمسك به في استماته الاعمى داخل البحر
لاضرب بساعدى تجاه البر نحو حورية وهمية
حتى انتهكت اصابعى نسيج الخيط
والعطر
مغلقا اهدابي في صمت واستسلام لسبات عميق
ونفحات عطر ... أخيره

الأربعاء، 10 يونيو 2009

تعويـذة عشــق



بين يومي وأمسي



صفحات صفراء مطوية



كانت تحمل كل أحلامى



لم يكن لها أوان في هذا العصر



لم أدر أين أضعها ... ومن سيسمعها ... وهل تبقى منها شيئ في شراييني



أم أنها تمزقت مثل كل شئ



اليوم أصبح الحلم إرهابا في عصر الملوك ... والجمال مجــون .... والصداقة فســق



أخبرتهم بالأمس ... اننى لن أدفن ... بل سيظل جثمانى المحنط هاهنا



داخل تابوت أسود ... تحت مسلة فرعونية عتيقة ... وسأضع فوق قبري تعويذتى الأخيرة



حتى يجيء يوم تغيب فيه الشمس ... وتعصف الريح بمكانى ....



لتأخذنى بعيدا عن كوكبكم ...



مسجلة داخل أذهانكم ... لحظة عشق ... فرعونية

الخميس، 4 يونيو 2009





باسم البلاد التى تتغنى بكل المعانى الوطنية

اشعر اليوم اننى اقف عاريا في الطريق ملابسي الداخلية

تمر ايام وليالي لنشعر ونتفاخر بالمعانى التاريخية

لنغطى بحديثنا المعسول والموزون نخر السوس في الخلايا الرمادية

من تدهور الى اخر ... من انكسار الى انهزام في نفوس الشبابية

اصبحت بكورتنا عاجزة والباقى منهمك في هوسٍ بالمحطات الجنسية

نتغاظى عن فقرنا بل ونتباهى بما نملكه .... بل ونطعن في كل مشاعرنا

سواء كانت عاطفية ... او حتى وإن كانت تمثيلية

ذابت العقول ، وانحسرت الانفاس ....

واصبح الذكاء عملة ملوثة ، كماء النيل بعد ان اصبح كمصرف صحى للمدينة القاهرية

وفي النهاية ، تسقط الجامعات من المعترفات الدولية

وتفتح المعتقلات ابوابها لجمع شمل النفوس الصالحة والبهية

حتى يجئ يوم ، ينقرض فيه الرجال

وتجلس العروس بطرحتها ، لاتجد من مؤنسٍ لها

تحت اسم العنوسة الشجية

الثلاثاء، 2 يونيو 2009

مــذبـح الحــريــة



هناك ... على بعد مئات الاميـال من وطني الأم

عند سفح ذلك الجبل النــاري ...

تحديداً عند قمته ... وعلى تلك الطاولة العاجية

وقفت اليوم أمام المكان زائراً وأنا اتأمل مقصلة الحرية

وأحصيت المئات من الصلبان ... والنجوم السداسية

وتخيلت أنهار الدماء الزرقاء ... الملكية

والكل يهتف بأسم الحرية ... بمخلتف اللغات والأجنــاس ... والأديـان

تحت أتياج من الاشواك .. أو من الأعشاب ... كل على حد سواء

وقد أصبحت تلك المقصلة مع مرور السنين

رمزا خياليا ... و حديث الآباء والأجـداد

حتى لمست الحقيقة في هذا اليوم فقط ، وأكتشفت أنه بقعة قدسية خاصة

محور الأرواح ... تأتي لزيارتها كل سبعة أعوام

لتروي قصتها ...

كنت أحس بهمسهم الدائم ... حتى فقدت بصيرتي

جئت اليوم ...

وقد اصبحت آخر أفراد البشرية ...

وقد اصطبغ العالم باللون الأحمر ...

عند شاطئ الغربي لقنسطنطين ...

أقف امام ذلك المذبح ...

لينكشف لي الضباب أخيرا ...

لأرقد بجواره متلمسا دمـــاء جميع البشر المهدورة أمامه

ليعم السكون بعد الفناء ... وانتهاء عمل المقصلة إلى الأبـد

بعد ان بدأت عملها الطويل منذ بدء الخليقة

تحت توقيع أسم مخلد على الضريح

بأسـم قــابيل


15 – 7 – 2007

الأحد، 24 مايو 2009

عطــر امرأة



قصة مشتركة في كتابتها بين:

م / أيمن شوقي

د/ أسماء علي

د / محمد ابراهيم محروس

عطر امرأة


انكفأ على كتابه يدقق فيه عدة مرات بإستماتة، كأنه يبحث بين السطور عن شيء غائب، قلب صفحات الكتاب عدة مرات، وقلبه وعاد للبداية للقراءة.. ومرة أخري يقف عند صفحة بعينها.يُدرك أن ما يريده موجود بها ، ولكن الذي يريده حقا لا يدري كنهه؛فهو شيء غامض يلعب في أحاسيسه منذ الصباح.. نظر للصفحة بفضول غريب، وقرر أن يبحث مرة أخرى ومنذ البداية.. وقتها مرت بذاكرته الحقيقة .
تلك الحقيقة التي غابت عن ذهنه لأنها تتعلق بالليل.. فقط في الليل تعود إليه ذاكرته .. كأن الحكاية كلها تكمن في ارتباط تلك الصفحة بالليل فقط.. تذكر حينما كان يقرأ هذا الكتاب لأول مرة، وعندما وصل إلى تلك الصفحة أصابته بعض الهواجس والحنين لشيء ربما فعله يوما ونسيه باقتدار أو كأنه مارس طقوسا لا يدريها ..وتلك الصفحة ذكرته بكل شيء؛في الليل كانت الذكريات متفاوتة ، مشوشة ...
لكنها كانت تقترب من بعضها في كل يوم ... حتى جاءت تلك الليلة ، التي سطع فيها القمر بدرا في السماء ، وخلت النجوم لينكشف الستار عن اسم مكتوب داخل السطور ، اسم قد خبأه فيما مضى بمهارة ، اسم الفتاة التي ستعيد له فهم فحوى تلك الفجوة في ذاكرته وبدأ كل شيء يتضح تدريجيا ،وبدأ الزمن يفترش كله أمامه بمنتهي الوضوح .
كان الحب الذي لازم كل صباحاته ومساءاته ، كان تلك الوردة الغريبة التي اقتنصها من فوق سفح جبل أثناء رحلة لهما سويا في الأقصر وسط وادي الملوك .. طوى تلك الوردة الغريبة بعد أن رشتها بعطرها وضمها بين سطور هذا الكتاب.. ولكن منذ سنوات؛ وعندما صدمت حبيبته فجأة سيارة سوداء بدت كأنها نبتت من العدم وسط صفحات الليل، كان الظلام قد أغرق الصفحة!

من يومها وهو مُقتنع بشيء غريب في تلك الوردة وتلك الحبيبة .. وطوى تلك الصفحة .. لكن ذلك التراث الجمعي الذي تحمله الوردة لا يود الصمت .. حتى بعد كل تلك الأعوام، ونسيانه التام تعود تلك القوة الغامضة للوردة؛ لتذكره بدوره الذي يجب أن يؤديه .. ذلك الدور الذي هرب منه سابقا .. نداء غامض يدعوه أن يتم مهمته التي لم تكملها حبيبته..
وفي برود وآلية لم يشعر بها ، وضع صورة الحبيبة مع الوردة في حرص شديد داخل قارورة خاصة، لم يكن يعلم متى اشتراها.. وذهب بخطوات ثابتة ، باتجاه النيل ، وكأن النداهة قد قامت من سباتها ، وتوقف طويلا أمام مياهه الراكدة ، حتى أشاح ببصره مودعا كل شيء ، ليقفز هو والقارورة نحو أعماق النيل ، ملبيا نداء البدر ... والقمر ... والحبيبة..
وبعد ثوان من ارتطامه بالماء شعر أنه يذهب إلى هناك إلى تلك الصفحة المنطوية من ذاكرته ،يبحث عن حبيبته بين كل الأشياء المفقودة في الذاكرة ..يشعر أنه يذهب إلى الموت بقدمه، ولكن المدهش أنه لا يشعر بأي ألم أو ضعف، بل على العكس يشعر بارتياح عميق يكتنفه.. وبعد ثوان غريبة أو دقائق وهو سابح في غيبوبة بين الموت والحياة وجد يدا تضغط على جسده بعنف، وهو يطرد ماءا كثيرا ابتلعه.. واحد الأشخاص واقفا ينظر إليه وهو يقول : الحمد لله أنقذناه ولكن أين تلك الفتاة التي قذفت نفسها وراءه إنني لا أراها ؟!
بدأ عودته تدريجيا إلى وعيه ،ووجد الزجاجة في يده تحمل صورتها والوردة، وشعر أن الصورة تبتسم له بسخرية تتهمه بالجبن .. قام منتفضا ونظر لمن حوله كأنه ممسوس، وتركهم يضربون كفا على كف، وأسرع مبتعدا تتناثر منه قطرات الماء .. دخل منزله رمى بالزجاجة على سريره بقمة الجنون و أبدل ملابسه بأخرى جافة .. وعاد ليفتح ذلك الكتاب على تلك الصفحة التي تحمل السر أو التي استمدت السر من الوردة المخيفة .. حقا أصبحت الذكرى لديه مخيفة فقط...

وفي عصبية ولهفة ، فتح صفحة خاصة ، تحمل تاريخ وفاتها ورائحة الموت ، وأخذ يتذكر اليوم الذي التقط فيه تلك الصورة ، مع أصدقائه وأصدقائها ، وتذكر تلك الفتاة التي غازلته ، أجل كانت في تلك الرحلة المشئومة، وبعد لحظات شعر بمذاق غريب في فمه، وهو يعود للتطلع للكتاب..
وكأن تلك الصفحة تخرج لسانها وتغيظه؛ وكأنها تحولت إلى كائن حي يشعر، ويتأمل، ويشاهد.. ويراقبه في فضول ، للحظات بدت السماء ستمطر، وبدا أن الجو كله ينذر بعاصفة، ولكنه لم يدر هل كانت العاصفة بالخارج أم بداخله.. ولكنه أغلق الكتاب مع صوت آذان الفجر، وصوت هامس في أذنه: سأعود ليلا يا حبيبي سأعود ليلا ..

الأربعاء، 20 مايو 2009

مدينة الســـراب



تعبت

تعبت أيها الأصدقاء ...
بل إن القلم قد شارف على الجفاف
زهدت الروح كل ما تحمله الحياة في جعبتها من متع وغرور
لم يعد هناك سوى الخمول ...
خمول جرح دفين قديم ...
تفوح منه رائحة دماء سوداء
عندما تنظر إليه، تلمح مزيجا من الحياة والموت يصعب فهمه
لم تعد الكلمات والاوراق والثوان تكفى للكتابة
فقد نزف الجرح مجددا بين يدي
وأنا أشرد هناك .... عند ذلك السهل الأخضر
أجلس على تلك الصخرة وأراقب الطير
متأملا الشمس وهي تختفى في حياء وتلملم أشعتها من سطح ذلك السهل لترسم لي ذكريات قلب مشتاق وملتـــاع
إلى معشوقة قلب دامٍ
إلى جنة وجودي وفنائي
إلى ملك
هكذا كان اسمها ... بعيدا عن الوصف
لكن القلم تعفف عن مد يد المعونة في مضى لوصف شكلها ... و الفؤاد أبى أن يصرخ بها
بجمالها ... بقلبها الخمرى
برموشها الطويلة ، بعينيها الواسعتين ...
بشعرها الفاحم المنسدل على كتفيها العاجيين في نعومة واستقرار كتاج الملوك ...
نعم ... هذا هو الوصف المناسب
كانت ملكتى ... ومولاتى
وفي خضم كل هذا الحنين ومع كل هذه السنين
لم أفق سوى كى أجد
أجدها خائنـــة ...
خائنة لصمتها
ســـارقة أحلامى لتنثرها مع الريح بكل تفان
ولتذبل وردتى بيدي
ويعصف بالريح كيانى
وتتوقف ساعاتى وأنا أقف لها مشدوها بابتسامتها الساخرة وهي ترفع يديها لي مودعة
وتخبرنى أنني كنت نعم الأخ والصديق
لتنام في أحضانه ملء جفنيها وعلى ثغرها ابتسامة تمزق أحشائى بنصل سيف وتغمده في ظهرى
يالجرح عاشق باك ...
على أسوار مدينة خادعة
يلهث المرء لها بكل وجدانه
ليكتشف أنها مدينة السراب

12/3/2005

السبت، 9 مايو 2009

العنقـــاء




أكتب حروفاً ليس لك ... ولكنها لي ...
إليك أنتى ... وأنتى تدرين ماذا صنعت ...
فمنذ عقد كامل ، كنت فيها القائد ، والمعلم ، ومحور الدوارن لكل من عرفت من الأنام
كنت القوي ، والحازم ، والناصح
كنت أغطي كياني بهالة قوية متماسكة ...
كنت الأب والأخ ...
وكنت الوحيد ....
والضعيف ....
أحرص كل الحرص على أن تكون حقيقتى لي أنا فقط ...
أخفى خوفي بقوتى ... ووحدتي بمعارفي ...
حتى ظهرتِ من العدم ...
ونهضت من رمادك لتنقضي علي برياح عطرة تخترق فقاعتي في سكون ونعومة ...
حاولتِ بكل جهد ... بدون كلل أو ملل
حتى صنعتِ المستحيل ، وهشمتى تلك القشرة
أصبحت أمامك عارياً ، ضعيفاً ، واهناً
رأيت حرماني ... وصنعتي منه قوة أخرى
ولكنها أصابت كيانى بالخلل
لعبت على أوتار قلبي
عازفة بها منغومة الحانك
سحبتني الى عالم لم أره ، وأصبحت كالمسحور
فقدت الكثير ، وأخذت الكثير
لم أر سوى عيناك في ظلماتى ، ولم أسمع غير صوتك وسط احزانى
الى أن التحمنا في كيان واحد
كيان اكثر قوة وبأس و .... وحب
ليتوقف كل شئ بغتة .... ودون أي مقدمات
حتى عقارب الساعة تجمدت ، وأصبحت ملكة الزمن داخل قلبي
وهنا فقط أدركت الامر ....
ووجدت أن مركز تلك الهالة قد أصبح هشاً للغاية
وبدأت سبابتك تضغط عليه ، بكل رفق وحنان زائف ، كخفقات أجنحتك التى تلامس الهواء كل مساء
لتغرزي سكينك داخله ، وكنت أنا السبب وانت تصنعين حفرتك بكل دقة ومهارة ... وحرفة
تضعين الشوك لتضحكين ... وتقنعيني بأننى كنت أنا السبب
تغرزين نصال سيفك ، وتثبتى لي أنى أضعه في قلبك أنت
ولكن ...
ولكنك هنا ، أوجدتي نهاية لم توجد في كل قصص العشق
أوجدتي نهاية قاسية ... غاية في المرارة
أوجدتني أنا القاتل ....
قاتلك ..........
وأنهارت كل قواي ...
تحت أقدامك وأنا أبك ذلك التابوت ....
بكيته ساعات طويلة ....
كنت أتصور نفسي القاتل ، والسفاح ....
وبعدها قمت من رمادك مثل العنقاء ...
لتطلقى تلك الضحكة التى ما زالت تتردد داخلى...
لأرى قلبي مازال يبنض في لوعة وهو بين مخالبك
وأنت تطلقين الريح لجناحيك ...
وتلقيه هناك .... بعيدا .... ابعد مما اتصور
بعد أن أرتويتي بكل دمائي
وشربت وتجرعت من أوردتي
وأنتهي بي الحال دون قلب ينبض
وأنا اتأمل ذلك القلب الذى كأن بداخلى ، وهو يتبذر .... في أعماق بحر الخيانة
خيــانتك

الأربعاء، 29 أبريل 2009

الــوردة البرتقـالـية





الوردة البرتقالية

دق جرس المنبه
وتململتُُُ في الفراش في تكاسل لذيذ وانا انظر اليه وهو يدق بصوته العالى المزعج
ولكني تمالكت نفسي و قفزت من فراشى بكل نشاط على نحو مفاجئ
واغلقت الجرس بسرعة وانا اركض بسرعة طفولية وكانى طفلة في العاشرة
لازيح الستائر وانا ابتسم
وادخل الى شرفتى لالقى نظرة على معشوقتي
انها وردتي البرتقالية
واقتربت منها في هدوء وخفوت
وكأنى لا اريد ان احدث جلبة لايقظها من نومها
وجلست الى كرسي المفضل الى جوارها
اتحسسها في رفق ونشوة
وتمتمت لها ببعض اسرارى
فقد كنت سعيدة جدا لان حبيبي سيأتى اليوم لزيارتى أخيرا
وكدت ان اطير فرحا بعد ان اخبرتها بالامر
ثم نهضت لارقص على اطراف اصابعى احدى رقصاتى الجميلة التى تدربت عليها طويلا في فن الباليه
ثم اصطدمت بوالدتى بغتة
وأحمرت وجنتاى من الخجل وانا اشاهدها تبتسم من اجلى في سعادة
لتتحدث إلي في امومة
- هيا يا جميلة ، لدينا الكثير اليوم لننجزه

اومأت برأسي في خجل وعيناى لم تفارق الارض خجلا وحياء
وهى تحتضننى في دفئ ثم غادرت الشرفة
فنظرت الى وردتى مجددا وانا اضع يدي على فمى اضحك
ودلفت مسرعة الى غرفتى لابدل ملابسي
واتجه الى جهاز التسجيل الخاص بي لاشغل احدى البوماتى المفضلة وارفع الصوت على اعلى درجة
وانطلق كالعصفورة داخل البيت اضحك واغنى واشاكس اخى الصغير
وجاء ابي الي البيت
فركضت نحوه لاسابق اخي الى ذلك الحضن الدافئ هو الآخر
وبالطبع فقد حظيت بالقبلة الاولى
ولكنه اعطانى قبلتان
فنظرت اليه مشاكسة لأقول له :
- لن يتخلل الامر اية خصومات في قبلة الغد

اجابها بكل حنان وهو يقول

- بل ستكون هناك المزيد من الحوافز والعلاوات

امسكت بالاغراض التى جاء بها وانطلقت الى المطبخ لاسابق اخي كالطفلة
وبعد عدة دقائق ، قالت لي امى ان اترك المطبخ واذهب لاستعد
فالقيت نظرة خاطفة على ساعتى وجحظت عيناى ذعرا ، فقد بقى على قدوم حبيبي نصف ساعة فقط
وبقفزتين متتاليتين ، وجدت نفسي في غرفتى لارتدى فستانى البرتقالى
ولم ابالى بصياح امى بان لا ارتديه
فهذا لا يهمنى ... فانا وحبيبي نعشق هذا اللون
كما انه اهدانى وردة عمره وفؤاده في عيد الحب
وجاء حبيبي ... ولكنه كان بمفرده على خلاف العادة
وضحكنا وتحدثنا
ولكنه بعد العشاء طلب من والدى ان نجلس بمفردنا
فاخبرته اننى اريد ان اريه الوردة كم صارت كبيرة ومتفتحة وجميلة
واخذته من يده ... وركضت الى شرفتى
وفي فرحة وفخر هتفت به

- هل ترى كم اصبحت فاتنة من اجلك

لم يعلق عليه ، فالتفت اليه وتجمدت في مكانى
وانا اراقب دموعه
فسألته بجزع عما اصابه
فاخبرنى انه سيترك البلاد مسافرا الى الخليج وانه قد جاء ليودعني
وان ظروفه لم تعد تسمح بان يظل بهذه البلاد ، لكى يستطيع التغلب على صعوبات الحياة
وتحدث كثيرا ، ولكنني لم استمع اليه ، حتى اني لم اكن معه
انسحبت روحي من عالم الواقع ولم اجد سوى العدم وتلك الوردة
وملت عليها بدون وعي ، لاقتطفها من جذورها ، واضعها بين كفي حبيبي

ولغرابة الاقدار
فقد ذبلت الوردة وانكمشت في سرعة ، وانكسرت تيجانها في صمت ... وألم
لينقبض معها قلبي وفؤادي وتدور بي الأرض لأسقط فاثدة الوعي دون ان تكترث لصراخ حبيبي

الأحد، 15 مارس 2009

الصنــدوق الاســود



يأتى الليل بنسماته وانا اجلس بمفردى اتنشق ذلك الهواء البارد الذى يلقيه علي جهاز التكيف المهترئ في حجرتى

اجتر الذكريات مع سخونة جسدى المتصاعدة

لا اعرف بصدق مشاعرى لتلك الذكريات من معارك وانتصارات ... وهزائم

احاول ان اشير باصبعى الى وجدانى الحقيقي بين مئات الاقنعة بين الفيلسوف والكاتب والمتوحد ... والعاشق

توقفت كثيرا عند العبارة الاخيرة

اتذكر معها تلك الملاك الحارس الذى عشقته كثيرا

ودون انتباه ارتجفت شفتاى وانا استنشق سيجارتى التى انتهت وكادت ان تلسعنى بلهيبها الخامل

فالقيتها على الارض باهمال وانا اسب ساخطا عقلى الذى رفض لقاءها في الاسبوع الماضي

لأفشل ان اكتب تاريخ المستقبل الذى اشتقت اليه طويلا ، واخط خيطا بعيدا عنه بعد انقشاع الغيوم

حينها فقط اكتشفت اننى ذلك العاشق

الذى يرفض مجرد التفكير ان يعيش وسط هذا العشق الهادئ

عاجزا عن وصف مشاعرى بعد ان اتقنت الحروف والتلاعب بها على اوتار النفس البشرية

اصبحت شخصية مشهورة تعج حياتها بالمئات من الاشخاص

لتندثر ملامح وجهى بين تضخم قبيح يصيب وجهى القديم بورم خبيث

ويبدأ غوصى في بحر عميق من الاضطرابات النفسية العاتية التى تضربنى بتيارات لا تنتهى من الاحداث

آملا في النهاية ان اصل الى جزيرة مفقودة اجد داخلها صندوق اصفر صغير

يحمل داخل قلبي المتبذر خامدا في سكون

حتى جاء ذاك اليوم في ليلة مقمرة

لتدخل تلك الفتاة الى حياتى ، جميلة المحيا ، تملأ الايام صخبا بمرحها وضحكاتها

لأجد عقلى يقذف بقراره الى حياتى انها الأنثى المناسبة لتتحملنى بكل صفاتى ، ورغباتى

وتنير لي الطريق الى ذلك الصندوق القديم

وتجلس الى جواره بابتسامتها الهادئة وتناولنى مفتاحه ، ودون تفكير

امسكت بالمفتاح لأديره في الصندوق

واخرج منه ذلك القلب متأملا بعض الاوراق التى خطت عليها اسماء كل من عاشرتهم

مخرجا من جيبي قنينة خمر صغيرة لألقى بمحتواها على الاوراق واشعل فيها النيران في صمت

لتصمت الطيور مقدسة لتلك الطقوس

حتى اعلنت النيران انتهائها من التهام الاحبار في صمت ، وامتدت يد الفتاة لتربت على كتفى وهي تشير بعينها اشارة صامتة ذات مغزى الى ذلك القلب الذى مازلت احمله في يدي

وقد بدأ ينبض في ضعف ووهن

ودون ان ادرى

بدأت التهامه في استمتاع لأنهى بذلك آخر انفاسي المتقطعة

بما يحمله من كبائر

معلنا لحظة مولد وميلاد مارد جبار

لينهل من جسد الفتاة المجاورة كل ما يرغبه

دون اكتراث لصراختها الذى ستظل تنطلق

إلى الابد



حـــواء الرقطــــاء


أنت حواء رقطاء

تتلونين كل يوم بألف لون من درجات الرمال

تتراقصين مع نسمات الليل وترقدين داخل جحورك

وتحسبين أن أنفاقها هي معنى الانتماء

تعيشين وحيدة دون رفيق أو أنيس

فلا معنى للذكورة لديك سوى الرغبة في عدم الفناء

تدفعين سُمومك دائما داخل العروق

تسيطرين على أجسادنا بعد ارتخاء في ليلة حمراء

تغزلين من الحب خيوطك لتغطي بها أستار الضياء

هكذا أنتِ يا فاتنتي ... منذ بداية الخليقة إلى انتهائها

ستظلين دوما .... سبب الشقاء