الأحد، 24 مايو 2009
عطــر امرأة
قصة مشتركة في كتابتها بين:
م / أيمن شوقي
د/ أسماء علي
د / محمد ابراهيم محروس
عطر امرأة
انكفأ على كتابه يدقق فيه عدة مرات بإستماتة، كأنه يبحث بين السطور عن شيء غائب، قلب صفحات الكتاب عدة مرات، وقلبه وعاد للبداية للقراءة.. ومرة أخري يقف عند صفحة بعينها.يُدرك أن ما يريده موجود بها ، ولكن الذي يريده حقا لا يدري كنهه؛فهو شيء غامض يلعب في أحاسيسه منذ الصباح.. نظر للصفحة بفضول غريب، وقرر أن يبحث مرة أخرى ومنذ البداية.. وقتها مرت بذاكرته الحقيقة .
تلك الحقيقة التي غابت عن ذهنه لأنها تتعلق بالليل.. فقط في الليل تعود إليه ذاكرته .. كأن الحكاية كلها تكمن في ارتباط تلك الصفحة بالليل فقط.. تذكر حينما كان يقرأ هذا الكتاب لأول مرة، وعندما وصل إلى تلك الصفحة أصابته بعض الهواجس والحنين لشيء ربما فعله يوما ونسيه باقتدار أو كأنه مارس طقوسا لا يدريها ..وتلك الصفحة ذكرته بكل شيء؛في الليل كانت الذكريات متفاوتة ، مشوشة ...
لكنها كانت تقترب من بعضها في كل يوم ... حتى جاءت تلك الليلة ، التي سطع فيها القمر بدرا في السماء ، وخلت النجوم لينكشف الستار عن اسم مكتوب داخل السطور ، اسم قد خبأه فيما مضى بمهارة ، اسم الفتاة التي ستعيد له فهم فحوى تلك الفجوة في ذاكرته وبدأ كل شيء يتضح تدريجيا ،وبدأ الزمن يفترش كله أمامه بمنتهي الوضوح .
كان الحب الذي لازم كل صباحاته ومساءاته ، كان تلك الوردة الغريبة التي اقتنصها من فوق سفح جبل أثناء رحلة لهما سويا في الأقصر وسط وادي الملوك .. طوى تلك الوردة الغريبة بعد أن رشتها بعطرها وضمها بين سطور هذا الكتاب.. ولكن منذ سنوات؛ وعندما صدمت حبيبته فجأة سيارة سوداء بدت كأنها نبتت من العدم وسط صفحات الليل، كان الظلام قد أغرق الصفحة!
من يومها وهو مُقتنع بشيء غريب في تلك الوردة وتلك الحبيبة .. وطوى تلك الصفحة .. لكن ذلك التراث الجمعي الذي تحمله الوردة لا يود الصمت .. حتى بعد كل تلك الأعوام، ونسيانه التام تعود تلك القوة الغامضة للوردة؛ لتذكره بدوره الذي يجب أن يؤديه .. ذلك الدور الذي هرب منه سابقا .. نداء غامض يدعوه أن يتم مهمته التي لم تكملها حبيبته..
وفي برود وآلية لم يشعر بها ، وضع صورة الحبيبة مع الوردة في حرص شديد داخل قارورة خاصة، لم يكن يعلم متى اشتراها.. وذهب بخطوات ثابتة ، باتجاه النيل ، وكأن النداهة قد قامت من سباتها ، وتوقف طويلا أمام مياهه الراكدة ، حتى أشاح ببصره مودعا كل شيء ، ليقفز هو والقارورة نحو أعماق النيل ، ملبيا نداء البدر ... والقمر ... والحبيبة..
وبعد ثوان من ارتطامه بالماء شعر أنه يذهب إلى هناك إلى تلك الصفحة المنطوية من ذاكرته ،يبحث عن حبيبته بين كل الأشياء المفقودة في الذاكرة ..يشعر أنه يذهب إلى الموت بقدمه، ولكن المدهش أنه لا يشعر بأي ألم أو ضعف، بل على العكس يشعر بارتياح عميق يكتنفه.. وبعد ثوان غريبة أو دقائق وهو سابح في غيبوبة بين الموت والحياة وجد يدا تضغط على جسده بعنف، وهو يطرد ماءا كثيرا ابتلعه.. واحد الأشخاص واقفا ينظر إليه وهو يقول : الحمد لله أنقذناه ولكن أين تلك الفتاة التي قذفت نفسها وراءه إنني لا أراها ؟!
بدأ عودته تدريجيا إلى وعيه ،ووجد الزجاجة في يده تحمل صورتها والوردة، وشعر أن الصورة تبتسم له بسخرية تتهمه بالجبن .. قام منتفضا ونظر لمن حوله كأنه ممسوس، وتركهم يضربون كفا على كف، وأسرع مبتعدا تتناثر منه قطرات الماء .. دخل منزله رمى بالزجاجة على سريره بقمة الجنون و أبدل ملابسه بأخرى جافة .. وعاد ليفتح ذلك الكتاب على تلك الصفحة التي تحمل السر أو التي استمدت السر من الوردة المخيفة .. حقا أصبحت الذكرى لديه مخيفة فقط...
وفي عصبية ولهفة ، فتح صفحة خاصة ، تحمل تاريخ وفاتها ورائحة الموت ، وأخذ يتذكر اليوم الذي التقط فيه تلك الصورة ، مع أصدقائه وأصدقائها ، وتذكر تلك الفتاة التي غازلته ، أجل كانت في تلك الرحلة المشئومة، وبعد لحظات شعر بمذاق غريب في فمه، وهو يعود للتطلع للكتاب..
وكأن تلك الصفحة تخرج لسانها وتغيظه؛ وكأنها تحولت إلى كائن حي يشعر، ويتأمل، ويشاهد.. ويراقبه في فضول ، للحظات بدت السماء ستمطر، وبدا أن الجو كله ينذر بعاصفة، ولكنه لم يدر هل كانت العاصفة بالخارج أم بداخله.. ولكنه أغلق الكتاب مع صوت آذان الفجر، وصوت هامس في أذنه: سأعود ليلا يا حبيبي سأعود ليلا ..
الأربعاء، 20 مايو 2009
مدينة الســـراب
تعبت
تعبت أيها الأصدقاء ...
بل إن القلم قد شارف على الجفاف
زهدت الروح كل ما تحمله الحياة في جعبتها من متع وغرور
لم يعد هناك سوى الخمول ...
خمول جرح دفين قديم ...
تفوح منه رائحة دماء سوداء
عندما تنظر إليه، تلمح مزيجا من الحياة والموت يصعب فهمه
لم تعد الكلمات والاوراق والثوان تكفى للكتابة
فقد نزف الجرح مجددا بين يدي
وأنا أشرد هناك .... عند ذلك السهل الأخضر
أجلس على تلك الصخرة وأراقب الطير
متأملا الشمس وهي تختفى في حياء وتلملم أشعتها من سطح ذلك السهل لترسم لي ذكريات قلب مشتاق وملتـــاع
إلى معشوقة قلب دامٍ
إلى جنة وجودي وفنائي
إلى ملك
هكذا كان اسمها ... بعيدا عن الوصف
لكن القلم تعفف عن مد يد المعونة في مضى لوصف شكلها ... و الفؤاد أبى أن يصرخ بها
بجمالها ... بقلبها الخمرى
برموشها الطويلة ، بعينيها الواسعتين ...
بشعرها الفاحم المنسدل على كتفيها العاجيين في نعومة واستقرار كتاج الملوك ...
نعم ... هذا هو الوصف المناسب
كانت ملكتى ... ومولاتى
وفي خضم كل هذا الحنين ومع كل هذه السنين
لم أفق سوى كى أجد
أجدها خائنـــة ...
خائنة لصمتها
ســـارقة أحلامى لتنثرها مع الريح بكل تفان
ولتذبل وردتى بيدي
ويعصف بالريح كيانى
وتتوقف ساعاتى وأنا أقف لها مشدوها بابتسامتها الساخرة وهي ترفع يديها لي مودعة
وتخبرنى أنني كنت نعم الأخ والصديق
لتنام في أحضانه ملء جفنيها وعلى ثغرها ابتسامة تمزق أحشائى بنصل سيف وتغمده في ظهرى
يالجرح عاشق باك ...
على أسوار مدينة خادعة
يلهث المرء لها بكل وجدانه
ليكتشف أنها مدينة السراب
12/3/2005
السبت، 9 مايو 2009
العنقـــاء
أكتب حروفاً ليس لك ... ولكنها لي ...
إليك أنتى ... وأنتى تدرين ماذا صنعت ...
فمنذ عقد كامل ، كنت فيها القائد ، والمعلم ، ومحور الدوارن لكل من عرفت من الأنام
كنت القوي ، والحازم ، والناصح
كنت أغطي كياني بهالة قوية متماسكة ...
كنت الأب والأخ ...
وكنت الوحيد ....
والضعيف ....
أحرص كل الحرص على أن تكون حقيقتى لي أنا فقط ...
أخفى خوفي بقوتى ... ووحدتي بمعارفي ...
حتى ظهرتِ من العدم ...
ونهضت من رمادك لتنقضي علي برياح عطرة تخترق فقاعتي في سكون ونعومة ...
حاولتِ بكل جهد ... بدون كلل أو ملل
حتى صنعتِ المستحيل ، وهشمتى تلك القشرة
أصبحت أمامك عارياً ، ضعيفاً ، واهناً
رأيت حرماني ... وصنعتي منه قوة أخرى
ولكنها أصابت كيانى بالخلل
لعبت على أوتار قلبي
عازفة بها منغومة الحانك
سحبتني الى عالم لم أره ، وأصبحت كالمسحور
فقدت الكثير ، وأخذت الكثير
لم أر سوى عيناك في ظلماتى ، ولم أسمع غير صوتك وسط احزانى
الى أن التحمنا في كيان واحد
كيان اكثر قوة وبأس و .... وحب
ليتوقف كل شئ بغتة .... ودون أي مقدمات
حتى عقارب الساعة تجمدت ، وأصبحت ملكة الزمن داخل قلبي
وهنا فقط أدركت الامر ....
ووجدت أن مركز تلك الهالة قد أصبح هشاً للغاية
وبدأت سبابتك تضغط عليه ، بكل رفق وحنان زائف ، كخفقات أجنحتك التى تلامس الهواء كل مساء
لتغرزي سكينك داخله ، وكنت أنا السبب وانت تصنعين حفرتك بكل دقة ومهارة ... وحرفة
تضعين الشوك لتضحكين ... وتقنعيني بأننى كنت أنا السبب
تغرزين نصال سيفك ، وتثبتى لي أنى أضعه في قلبك أنت
ولكن ...
ولكنك هنا ، أوجدتي نهاية لم توجد في كل قصص العشق
أوجدتي نهاية قاسية ... غاية في المرارة
أوجدتني أنا القاتل ....
قاتلك ..........
وأنهارت كل قواي ...
تحت أقدامك وأنا أبك ذلك التابوت ....
بكيته ساعات طويلة ....
كنت أتصور نفسي القاتل ، والسفاح ....
وبعدها قمت من رمادك مثل العنقاء ...
لتطلقى تلك الضحكة التى ما زالت تتردد داخلى...
لأرى قلبي مازال يبنض في لوعة وهو بين مخالبك
وأنت تطلقين الريح لجناحيك ...
وتلقيه هناك .... بعيدا .... ابعد مما اتصور
بعد أن أرتويتي بكل دمائي
وشربت وتجرعت من أوردتي
وأنتهي بي الحال دون قلب ينبض
وأنا اتأمل ذلك القلب الذى كأن بداخلى ، وهو يتبذر .... في أعماق بحر الخيانة
خيــانتك
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)